التجريد الصريح لاحاديث الجامع الصحيح
:In stock
: BKF0503
Share:
التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح
اسم المؤلف : أحمد بن محمد بن عبد اللطيف الشرجي الزبيدي
تحقيق ابي معاذ طارق عوض الله
مقدمة المحقق
إِنَّ الحَمْدَ للهِ تَعَالَى نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
وَبَعْدُ:
فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَخْفَىٰ عَلَى أَهْلِ العِلْمِ مَا لِـ صَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ مَكَانَةٍ عَظِيمَةٍ مِنْ بَيْنِ كُتُبِ السُّنَّةِ وَالحَدِيثِ، فَهُوَ أَصَحَّ كِتَابٍ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ ، وَقَدْ بَرَعَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِيهِ فِي انْتِزَاعِ دَقَائِقِ المَعَانِي مِنْ مُتُونِ الأَحَادِيثِ، وَاسْتِنْبَاطِ الأَحْكَامِ الدَّقِيقَةِ وَالغَامِضَةِ مِنْهَا ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ جَلِيًّا فِي تَفْرِيقِهِ الحَدِيثَ الوَاحِدَ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعِ مِنْ أَبْوَابٍ كِتَابِهِ، وَرِوَايَتِهِ لَهُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ وَجْهِ وَبِأَلْفَاظِ مُتَعَدِّدَةٍ، وَاضِعًا كُلَّ رِوَايَةٍ فِي بَابٍ يُنَاسِبُهَا تَدَلُّ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَعْنَى المُسْتَخْرَج مِنْهَا، حَتَّى قِيلَ: «فِقْهُ البُخَارِيِّ فِي تَرَاجِمِ صَحِيحِهِ»، وَلِهَذَا كَانَ صَحِيحُ البُخَارِيِّ» أَنْفَعَ لِلفَقِيهِ المُتَبَحْرِ فِي الفِقْهِ البَاحِثِ عَنْ دَلَائِلِ المَسَائِلِ فِي الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ . وَلَقَدْ كَانَ مِنْ مُخْتَصَرَاتِهِ الَّتِي كُتِبَ لَهَا القَبُولُ وَكَثُرَتِ العِنَايَةُ بِهَا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَطَلَبَتِهِ هُوَ مُخْتَصَرُ الإِمَامِ الزَّبِيدِيِّ المُسَمَّى التَّجْرِيدِ الصَّرِيحِ لِلجَامِعِ الصَّحِيحِ»؛ فَاشْتَدَّتْ عِنَايَتِي وَاجْتَمَعَتْ هِمَّتِي عَلَى إِخْرَاجِهِ فِي صُورَةٍ لَائِقَةٍ أَصْلًا وَتَعْلِيقا ، تُيْسِيرًا لِبَاغِي حِفْظِهِ أَوْ دَرْسِهِ أَوْ شَرْحِهِ، وَتَقْرِيبًا لِلانْتِفَاعِ بِهِ.
وَقَدْ حَاوَلْتُ البَحْثَ عَنْ أَصْلِ مَخْطُوطٍ لِهَذَا المُخْتَصَرِ فَلَمْ أُوَفَّقْ إِلَى الوُقُوفِ عَلَى أَصْلِ جَيِّدِ سِوَى نُسْخَةٍ فِي المَكْتَبَةِ الأَزْهَرِيَّةِ ، لَكِنَّهَا كَثِيرَةُ الأَخْطَاءِ وَالسَّقْطِ، فَلَمْ أَرَ الاعْتِمَادَ عَلَيْهَا وَلَا الرُّكُونَ إِلَيْهَا ، ثُمَّ وُفِّقْتُ إِلَى الوُقُوفِ عَلَى أَصْلِ مَخْطُوط لِـشَرْحِ هَذَا المُخْتَصَرِ» لِلعَلَّامَةِ صِدِّيق حَسَن خَان، وَقَدْ تَضَمَّنَ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ نَصَّ مَتْنِ المُخْتَصَرٍ ، كَمَا أَنَّنِي وَقَفْتُ عَلَى النُّسْخَةِ المَطْبُوعَةِ قَدِيمًا لِهَذَا المُخْتَصَرِ فِي المَطْبَعَةِ المِيمِنِيَّةِ بِمِصْرَ ، وَهِيَ نُسْخَةٌ جَيْدَةٌ، فَاعْتَمَدْتْ عَلَيْهَا، وَأَخْرَجَتُ الكِتَابَ عَلَى أَسَاسِهَا، مَعَ عَدَمِ إِغْفَالِ النُّسْخَةِ السُّلْطَانِيَّةِ لِـصَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ وَهِيَ المَطْبُوعَةُ عَنِ النُّسْخَةِ اليُونِينيَّةِ، لإِصْلَاحِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَذَ وَقَعَ مِنْ أَخْطَاءٍ فِي الْمَطْبُوعَةِ مِنَ المُخْتَصَرِ»، ومَعَ عَدَمِ إِغْفَالِ مَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَصَرُّفِ مُصَنِّفِ المُخْتَصَرِ» نَفْسِهِ، وَعَدَم إِغْفَالِ أَيْضًا مَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ اخْتِلَافِ نُسَخِ صَحِيحِ البُخَارِيِّ»، الْأَحْوَالِ لَا أَغَيْرُ إِلَّا مَا تَحَقَّقْتُ مِنْ كَوْنِهِ خَطَأَ مِنَ الطَّابِع أَوِ النَّاسِخِ .
وقَدْ حَرَصْتُ فِي تَعْلِيقَاتِي عَلَى الكِتَابِ أَنْ تَكُونَ مُخْتَصَرَةً بِقَدْرِ الإِمْكَانِ، مُعَبِّرَةً عَنِ المُرَادِ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ وَأَخْصَرِ إِشَارَةٍ مُعْتَنِياً عِنَايَةً فَائِقَةٌ بِشَرْحٍ غَرِيبِ الحَدِيثِ، وَمَا يُسْتَشْكَلُ فِيهِ، مُسْتَفِيداً فِي كُلِّ ذَلِكَ أَوْ أَغْلَبِهِ مِنْ شَرْحِ الحَافِظِ ابنِ حَجَرٍ اللَّهُ عَلَى صَحِيحِ البُخَارِي».
وَنَظَراً لِمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ سَابِقاً مِنْ كَوْنِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكَوِّرُ الحَدِيثَ الوَاحِدَ فِي أَكْثَرَ مِنْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابٍ كِتَابِهِ لِلعِلَّةِ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا، رَأَيْتُ أَنْ يَكُونَ هَذَا المُخْتَصَرُ» كَمَا أَنَّهُ قَدْ أُجْمِلَ فِيهِ رِوَايَاتُ البُخَارِي فِي رِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ اخْتَارَهَا صَاحِبُ المُخْتَصَرِ، كَانَ لَا بُدَّ مِنْ عَمَلِ شَيْءٍ آخَرَ يُضَافُ إِلَى عَمَلِ وَيَكُونُ إِكْمَالاً لِعَمَلِهِ يَتَحَقَّقُ بِهِ أَنْ يَكُونَ المُخْتَصَرُ مُعَبِّراً أَيْضاً عَنْ فِقْهِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ، وَمُشِيراً إِلَى المَعَانِي الدَّقِيقَةِ الَّتِي اسْتَخْرَجَهَا مِنْ أَحَادِيثِ كِتَابِهِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِفِعْلِ أَمْرَيْنِ :
أَوَّلُهُمَا: ذِكْرُ تَرْجَمَةِ البُخَارِي عَلَى الحَدِيثِ فِي المَوْضِعَ الَّذِي اخْتَارَ المُصَنِّفُ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ كُلَّ حَدِيثٍ، فَيَكُونُ الكِتَابُ مُشْتَمِلاً عَلَى الحَدِيثِ وَعَلَى التَّرْجَمَةِ، فَإِنَّ صَاحِبَ المُخْتَصَرِ) لَمْ يُدْمِج فِي عَمَلِهِ تَرَاجِمَ البُخَارِي إِلَّا فِي مَوَاضِعَ قَلِيلَةٍ لَا تُعَبِّرُ عَنْ فِقْهِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ ، وَالَّذِي تَمَيَّزَ بِهِ فِي هَذَا الكِتَابِ العَظِيمِ.
ثَانِيهِمَا: ذَكَرْتُ فِي الْهَامِشِ بَقِيَّةَ الأَبْوَابِ الَّتِي أَدْخَلَ البُخَارِيُّ الحَدِيثَ فِيهَا فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ لِيَكُونَ بِذَلِكَ قَدْ وَضَحَ لِلوَاقِفِ عَلَى الحَدِيثِ فِي هَذَا المُخْتَصَرِ» كُلُّ المَعَانِي الَّتي اسْتَنْبَطَهَا الإِمَامُ البُخَارِيُّ اللَّهِ مِنْ كُلِّ حَدِيثٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَصَنِيعِي هَذَا يُعَدُّ بِمَثَابَةِ شَرْحٍ لِهَذِهِ الأَحَادِيثِ، وَاسْتِخْرَاجِ لِلفَوائِدِ وَالمَعَانِي وَالحِكَمِ الَّتِي تُسْتَفَادُ مِنْهُ.
فَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ أَكُونَ قَدْ وُفِّقْتُ إِلَى تَحْقِيقِ ذَلِكَ، وَأَنْ أَكُونَ قَدْ أَضَفْتُ إِلَى هَذَا المُخْتَصَرِ شَيْئاً يَنْتَفِعُ بِهِ المُسْتَفِيدُ مِنْهُ مِنْ حَافِظِ وَدَارِسٍ وَشَارِحٍ. وَاللَّهُ مِنْ وَرَاءِ القَصْدِ، وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الوَكِيلُ .
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
وَكَتَبَهُ
أَبُو مُعَاذٍ طَارِقُ بِنُ عِوَضِ اللَّهِ بنِ مُحَمَّدٍ