تمثل هذه الرواية نصا بيانًا أو مرافعة ضد عقوبة الإعدام. ولكنها مرافعة لا تسقط في لغو الشعارات المباشرة. بل تضرب بجذورها في عمق الروح البشرية حيث تختص في نفس من يواجه الموت بضمير
مُرَوَّعِ آلاف الأفكار العجيبة والأشباح والذكريات.
وبقدر ما تتمكن هذه الرائعة الأدبية من تخييل سياقها التاريخي بدقة لا نظير لها، تنجح أيضًا بلطافة صناعتها المميزة في فتح أفق لقراءتها في شتى الأزمنة المقبلة، إذ تجعلها القراءة النبيهة حدثًا حاضرًا لا ينقضي
وسهما يُشير على الدوام إلى ما لا يتصدع في جوهرنا الإنساني. يأخذنا فيكتور هيغو في رحلة عجيبة إلى عتمة الزنازين وذكريات نزلائها وأحلامهم المقطوعة الرؤوس وهروبهم إلى الكتابة بوصفها فعل المقاومة الأخير والوثبة الحرّة الأكثر تمسكا بالحياة. هنا، في هذه الصفحات المدهشة، يُنشئ نمط مخصوص من الحياة المغلقة خلف القضبان نحوا يخصه في الكتابة والندم. وإذ تعلق مطارقنا الأخلاقية والجنائية لوهلة - قد تمتد إلى ما لا نهاية له - نواجه بعيون مشدوهة ملامحنا المفعمة بالإنساني في صورة المحكوم عليه بنصل المقصلة.
أشرف القرقني