مقهور ومبهور
مقابسات ومنابسات
اسم المؤلف : عبد الله بن سليم الرشيد
الأدبُ طبقات، ولكلِّ طبقةٍ أهلُها، وقد تجتمع طبقاتٌ عدّة عند منشئٍ واحد، واضربْ بعينك حيثُ شئتَ في دواوينِ بعض الكبار، تجدْ قصائدَ ذاتَ طُعوم، وإنشاءً يُعليه قارئٌ، وينظرُ إليه آخرُ شَزْرًا، وليس على الراضي عتابٌ، ولا على الساخطِ ملامةٌ؛ فلكلٍّ أن يستحسنَ ويستقبحَ، ما اتّكأ التلقّي على أصولِ المعرفة الضرورية بالأدب، ولا سيّما الشعر. ومع هذا أقول: آنَ للمرقَسِيِّينَ أن يحترموا أذواقَ الرَّبَابِيِّين، الذين تُطربُهم (رَبَابةُ ربّةُ البيتِ)، ويُبَهْرِجون (قفا نبك). ولْيَبْكِ المراقسةُ ما شاؤوا (بسِقْطِ اللِّوى بين الدَّخول فحَوْملِ)، ولْيهنأْ أولئك بصياحِ (تسعِ دجاجاتٍ وديكٍ حسنِ الصوتِ). هذا الكتابُ سعيٌ إلى النزول من البرجِ العاجي، بتقديم الأدب الفصيح لطبقات متعدّدة، ولعله يُستمالُ به الكاشحُ، ويُرضَى الغاضبُ، ويُردُّ الشاردُ. وهي محاولةٌ خطِرة جدَّ الخطر؛ لأن المؤلفَ موقنٌ بسلوكِه دربًا كثيرَ العثرات، تتخطّفُ طُرّاقَه خطاطيفُ النقد، وكلاليبُ الآراء، ولكنّه مع ذلك مُقدِمٌ، مُنَكِّبٌ عن ذكر العواقبِ جانبا. ومن لم تعجبْه مائدةُ هذا الكتاب، فلْيَعْدُدْ ذلك تقصيرًا من المؤلِّف في ضيافته، لا عجزًا من الأدب الفصيح، ولْيحكمْ بضيق ذات يدِ المؤلِّف، لا بقِصَر باعِ الفصحى.