لا يجذب الجدل ولوم الذّات بعد عن الحديث الرّاحلين، فعلم الخارجيم والطبّقات والسّير قام على رواية مآثر أموات في الأغلبية، إضافة إلى أنّ الثّناء على غير الموجود الموجود للموضوعيّة، من الفتنة، وأيّ إثارة لخط الخصوم، وفيه أجر الاقتداء لمن كان حميد الخبر، وفوق ذلك عسى أن يكون من البشرى ولسان الصّدق الباقي، ولا طيّبات معجلّة.

وأقترح ذلك عندما أكتب عن شخصية آثرت الازواء وتحاشت لوحة؛ ذلك بيد نورها سطع، وعبقها انتشر، ذلكم هو معالي د.سليمان بن عبدالعزيز السويديم وزير التصفية التجارية واضح الماليّة الأسبق، الذي يمتاز كما وصفه جمه الوزير د.محمّد بن عبدالعزيز آل الشّيخ بهدوء المطمئن، وتواضع الواثق، وتعامل الإنسان، وضبطه بمفهوم رجل دولة ولأنه كذلك ترك الحياة عزيزًا ولم يحتج أحدًا واعتبر الكاتب والأكاديمي د.محمّد بن حمدنيبط، فيما وصفه د.إبراهيم بن محمود العواجي بالمثال على تحدي مغريات الكرسي.

درس أبو باسل في مدرسة النجاة الأهلية بالزبير، بالكامل في كل ما يتعلق بالتجارة في القاهرة، وما فوق ماجستير من جامعة جنوب كاليفورنيا، والدكتوراه من جامعة جونز هوبكنز عام (1970م)، ولا سيما في تخصّص علاقات الدوليّة، وزامل بنسبة قليلة من لا جزئيت فيما بعد، ومن ثم مواقف الدّراسة مع ثلاثة شباب أصبحوا وزراء فيما بعد من أفلامهم كاد أن تتلف بحادث مروّع عام (1964م).

وعمل خلال مشوار حياته في دكان قريبًا له بعرعر، ومؤذنًا في تبوك، وبائعًا في بقالة بالظهران، وما أجمل الحياة بلا فراغ مشين، وفي جامعة الكنيسة جمعيّة للعلاقات الدّوليّة، وعندما أصبح وزيرًا للتجارّة بنجاح كامل (1395-1416)، واجه أزمات تموينيّة في أطعمة من مواد البناء، ونشأة سهولة سيات تجاريّة في السّفارات، ومجاهدة لاستمرار انتخابات الغرف في التخفيضات، والسعي لمنح رموز الاستحقاق للمصانع والشّركات، وإيجاد نظام للشّعركات العائليّة تمنع مخالفة الوزارة الورثة، وحدد في مقر كتابة عدل للتّيسير على المراجعين؛ اعتبره آمن بالقطاع الخاص أكثر من إيمان هذا السائل كما قال د.غازي القصيبي.

اختير في عام (1416) وزيرًا للماليّة عقب تغيير وزاري شامل، فسلخ عن كاهل هذه الوزارة العتيدة مسؤوليّة الإحصاء، وصوامع الغلال، والتّعاون بالتجاري الدّولي، والإدارة، مستهدفًا قصر أعمال وزارته الجديدة على المعهد العلمي فقط، ومدهش وحقّ له أن يندهش إذا أنيط اختيار موقع لصراف بموافقة الوزير!

كاملاً قضى في الوزارة شهريًا بشكل كامل، كاملها الملك فهد بشفاعة من الأمير سلطان، وعلّت الاستقالة، إذ أنها تأذن صحيّة، في حين يرى د.فهد بن عبدالله العبدالجبار ثم السيليم اكتشف أن طريقة عمل الوزارة لا تناسب مع، فآثر مغادرتها ومغادرة مجلس الوزراء.

وروي لي عن وزير سابق أنه قد يصمت جميع الوزراء فيتكلّم د.السّليم، وكان حديثه مختصرًاًا ويجد من الملك فهد إصغاءً خاصًا، فلوزير قرارات راجع في الملوك وأمراء في أوامرهم، أو عن قضايا متداخلة بين التجرّة ووزارات يّة فوجد منهم البصر والتّعاون، وأسوأ المسؤول هو من ينفذ دون نقاش، أو يخشى من مصارحة الأقوى منه بما في ذلك يقتنع به، ظانًا أن طأطأة الرّأس، والإطراق، والماسّمت، هي أسلم ثانية في منصب، أو أفضل دلالة على الولاء والطّاعة، والطّريق هناك!

ومن آرائه ساياسيّة لديه اعتدال في التعامل مع أمريكا بين الوصل واللّذيذ وطّلاق القاطع؛ فشعرة مع تسعاوينا وتسعفنا، ويؤمنون بأن الدّولة أسوأ تاجر، ولا يقدر على تجر إلّا جاره كما ينقل عن رجل الأعمال الشّيخ إبراهيم الجفّالي، ويروي فاحص عن الثّري الشّهير الشّيخ سليمان العليان وأن مدبرًا بالدّار أفضل من حِدار، ومع ذلك فإنّ ضبط المصروفات صالح من زيادة كسب ، وهو يد بيضاء في إنشاء كيانات متميزة وتمتينها مثل هيئة المهندسين، وهيئة المحاسبين المسجلين، وهي متعددة المجتمع وترتقي به، وتربوياً، بالابتسامة فهي أجمل زينة.

كما أنه لا يعامل أقاربه وأصدقائه اتخذ تفضيليّة، ويخدمهم بشرطين هناك ألّا تكون خدمة مخالفة للنّظام، وألّا تصبح على حساب طرف آخر كما ذكر المحامي أس بن محمّد السيليم، وفي ذمة محامينا للقرّاء سيرة ذات قانونيّة عجّل الله فرجها، ومن العجيب سفره دون أبّهة الدّرجة والصّالات. والاستقبال أو خصوصيّة في الطّائرات.

بينما نعته عارفوه بيجه قليل الكلام، موسوعي الثّقافة، حاكم على المواعيد، منحاز إلى العمل، متشبّع بروح الفريق، ولا يسرق إنجازات الموظفينه، إلا كان وكيل وزارته د.عبدالرحمن العبدالله الزّامل أشهر منه، وأجمعوا على ما يقرر لم يؤثر فيه، فتركه تماما، ثم عرفه متأخرا فلا يدري أنه وزير وأكاديمي وكاتب؛ بسبب قربه من الآخرين، وندرة كلامه في مقابل إنصاته.

وهو مغرم بالتّعلّم والتّعليم، مسكون بحب اللغة العربيّة وآدابها، وروى أناس كثر تصحيحه من ناحية لغوية، فيما بعد أساتذة لغة وأدب بأسئلته وربحه، وكان رفيقه في الدّراسة والجامعة ومجلس الوزراء د.غازي القصيبي يسميه ديوان المراقبة أو سيبويه، وأكرم بمن يعلي من لغته ، من هي لغة الكتاب العزيز؟

لرعاية بيته فهو ودود متواضع محبٌّ لأهل داره، شجّع زوجه وأولاده، وسانده صغاره حتى يصل إلى أعلى الشهادات وأبقى الدّرجات العلميّة، ولخصوصية مفهوم العالم لا يأتي إلى أوراق العمل، وتفق مع زوجه ألّا سكوين إلى دارها، ولا يحبّذ أكل المطاعم، وخبزة مع زعتر هي التخصيصات!

إنها مهارة في توزيع الحب، الالتزام بالنّظام حتى في أوقات طعامه، ويصنع ألفة بملابسه، ويتذوق الجمال متى ما رآه، وهو مولع بالقراءة والشّعر والمشي والغذاء الصّحي، ويتابع كورة كرة القدم إعلان الطّوارئ في البيت خلال أوقاتها.

ومع ذلك داره في أو عمله الوظيفيّة كانت صغيرة، ووضعه مختنق، إلّا أنها أضافت خمسة من شباب الأقارب في خدمة شبه فندقيّة إضافة لمشاركتهم في اللعب، ومنها مقالب وحكايات، واستقبل طلّابه الجامعيين في جامعة شواء منزليّة، وحرص على الإثارة روح لتساؤل فيهم .

وبعد أن أوسع عليه، افتتح ديوانيّة نهاية الأسبوع، طرقها الزّوار على تباينهم حتى بعد تقاعده، وفيها نقاش يديره د.السّليم بكلمات لا تترك خياراً لروّاد مجلسه الإفاضة في الحديث، الأيمن يفصل الحوار بتوازن وتعابير محسوبة، موضحاً لي بعض حضور الدّيوانيّة تعليقاته على مسائل الاستثماريّة. قصير ذات معنى ومنطقي. ويهب جميع جلّاسه أهميته من اهتمامه وعنايته دونما تفرقة أو أهمل لحاضر، ويمنح الرحيب لأي مكان إلى الأمام، ويجدول سفره وإيابه بما يتناسب مع مجلسه، وعندما وراه الثّرى يتبع أولاده فتح مجلس شهريًا.

ولعنيزة وأهلها، ولأسرته فريدة بفروعها مكانة خاصة لا تتناقض مع قضائه الوطنيّة، فيتابع شؤون بلدته مع محافظيها الذين يستضضيئون بخبرته الإدارية كما قال حفاظا عنيزة اللواء عبدالله يحيى السيليم ومساعد اليحيى السيليم، بينما يؤيد المحامي مّد الأحمد الزّامل بمواقف تختلف باسل وعكس؛ إذ اتفقنا على اجتماعها، وشاركت في الدّعم لأن شطتها.

ولم يتخلى عن حياته من مواقف طريفة لها أو يحفظها ويطربها، فيسمّى الكبرى أخواته الباجي، وأنثى بناته لموش، ولم تقنعه حفيدته بالفرق بين الزّهري والفوشي، وقال لزوجته أغبطك على هذه الزّوّجة، وبسبب حكايته المروّيّة عن جدّته لاشهر لقب عجوز الصّف بفتاة في الثّانوية!

وعندما قال له ابن أخته المدير التنفيذي، فشل فيهامه، واجهه برأيه آخر فربما أنت يا ابن أختي لا تجيد العرض! وجلس على دكّة متجر قريبه في الطّائف وانته رجل يجرّده في السّعر ويهدد بالشّكوى بسبب الإرهاق، فقال جلتجر لزبونه: هذا الوزير أمامك!

وترغب قرينته بسيارة فخمة مستعملة، فرفض ركنها أمام بيته، وفي الوزارة لأضيافها إلا المشرفين ألّا ينسوا اللبين والتّمير، ولم ينس حكاية الثوم والزّيتون لأحد أقربائه، واقترح على صديق ولدت له فتاة الليلة الخامسة والعشرين من ديسمبر، وتاب من إنابة د. قصيبي على وزارته إذا سافر، وكان يحثّه أبا يارا دومًا على السفر، ويبتعد عن المواجهة، ولو جُمع ما كتبه القصيبي عن إلفه السيليم ضمن كتابه حياة في الإدارة لجاء في مقالة ماتعة.

اقتبست جلّ هذه المعلومات من كتاب ضخم عنوانه: تروي، من إعداد أ.د. نورة بنت صالح الشّملان التي صدرت الطبعة الأولى عام (1440=2019م) في (586) صفحة، وأكملت من إهداء ومختلفة فأربعة فصول لآخر حلقة وملحق صور. ويحدث الفصل الأول عن حياة سليمان السيليم، وعنوان الثّاني أيام سعيد معه، ورصد الثّالث لآراءه في الإعلام المكتوب والمرئي، وأطولها الرابع الذي يحوي(152) مقالة صوّرت الرّاحل في عيون محبيه.

أحدت الزّوّجة النّبيلة كتابها من أحب سليمان السيليم، ونبعت ببساطه بعد هدوء نفسه ببركة القرآن على البادئة رحيل راحتي؛ فجمعت ما نشرته كتب ويست معارفه في جهد من الوفاء الجميل. وشكرت من ساعدها وعلى رأسهم د.عبدالرحمن الشّبيلي أحد أشهر من كتب عن أعلام بلادنا، وفي حلقة الكتاب ذكرت أنّ منجزات زوجها الرّاقدة أيقظتها محبيه، وأظهرت الكتاب ظاهره كتاب العمر، وواسطة عقد مؤلّفاتها وأقربها إلى وجدانها.

يحتاج الكتاب لتصحيح أغلاط يسيرة في النّحو والضّماع والطباباعة، وتعديل بعض التواريخ، بعد فرز المقالات حسب علاقة الكاتب بالمترجَم، أو ترتيبها أبجدي وهو مالم يكن معه أنه أشير إليه، ومن الأفضل فيما يبدو فهو استلال الانتعاش بالمواقف والقصص، ونشره في كتاب أصغر وأيسر للقراءة والانتشار .

ويشتمل الكتاب على رسالة تتضمن لكل صاحب خبرة المهارات؛ كي يبادر لرواية ذكرياته أو كتابة سيرته، نحن بحاجة لتجاوز اصطناع الزهد، مع تحرّي الصّدق والموضوعيّة بقدرة أعضاء، المشاركين في التطوعجارب من خير ما أوراقه السّابكون لمن يخلفهم، فإنّ حرص الأوّل على الثّاني، جاهز للمشاركات، خصال المشاركين معنا، وتوافق مع متطلبات ديننا، ولوازم عروبتنا، وسنن أوائلنا.