هدية من حديد وحرير

زينة.. صبايا من حديد وحرير. عندما يدق القلب لا بد لك من أن تفتح الباب. ما أرق قلوب العاشقين وما منهم! فكيف إن كان من يدق الباب هو زينة؟ وزينة ليست عنوان رواية بقدر ما هي رواية فصول من حياتي، نبض من عمري الذي استنزفتُ معظم أيامه، وما تبقَّى في الرحمن، في بطن الزمن والأيام، ويوماً ستحين لحظة الرحيل. وحتَّى لا يكون هذا العمر قد ذهب هباءً، التجريبُ أن أُجمِه بقصة، وماها من أجمل قصة عندما تكتب وأنت ترى على جهاز الكمبيوتر أطياف أناس، سحرهم وقد ترحلوا، وبِتَّ أنت انتظارًا مؤقتًا من جديد. ربَّما هي أكثر من رواية لأنَّها مصاغة بمداد لا يُشبِه سِوَاه، فعندما يكتب الأب عن ابنته يكون للكلمات بوحٌ آخَر هو أشبه ببوح الياسمين، ومِن هذا بوح تتسلَّل الكلمات ليروي قصة والنشأة والوجع مع مرض انحناء العمود الفقري ورحلة البحث عن علاج حتَّى الخضوع للعملية الجراحية خطيرة. أمَّا رحلة زينة مع عالم الفن فقصَّة أخرى، وهي لا تحكي سوى فنانين محترفين، بل تروي أيضًا وجع أب من لحظات الفراق. ومِن فيلم "حبَّة لولو" الذي كان العمل الفني الأول لزينة تنطلق رحلة التقصِّي هذا المشوار الفنِّي من وجهة نظر أب، لَم ترصد فقط الجانب الفني المجرَّد حتَّى العمل الأخير "شتّي يا بيروت" وصراخة زينة الشهيرة: بابا، التي فتحَت نافذة قلب الأب على صرخة لتصبح قادرة ومِن صرخة: بابا، انفتح صنبور الذكريات منذ حتى اليوم منذ خلال مقتطفات من زينة، مع تفوُّقها الرسمية و جوائزها التي تطوِّق جِيدَها، إلى مناجاتها في بيت الأسرة الذي كان يشكو غيابها، إلى ددوب.. اللعبة المخبََّّأة في أحد أدراج حجر البيت. مع زينة جبلتُ أحرفي بقصائد أبي وعجين أمي.. ما أرق الشِّعر عندما يكون حكمة، وما أطيب خبز عندما تكون خميرته العاطفة! زينة.. صبايا من حديد وحرير. لَم تكن رواية بالصدفة، كانت فقط مخبَّأة في قلب أب إلى أن يحين القطار.. كانت قصيدة هي بطَلَتها، وأنا الراوي.