دعايات غير قابلة للتسامح

الغُرْبةُ هُنا تمْتصُّ أحْلى ما فيكَ، خذُ منْكَ نَسْغَكَ وشغفَكَ معجبًا، أحْلامَكَ وأجملَ يِ عُمْرِك، خذ شيْئًا مِنْ ملامِحِكَ وتعطيك وجْهًا جديدًا ربّما لا يُشْبِهُكَ، تجْعلُ منكَ إنسانًا آليًّا تحاول مُبرْجمًَا على الرّكضِ ليْل نهار كي نعيش بيْن قَوْسَي الحياة (....) . في الغُربةِ هُنا تحْيا وحيْدًا مهْما كان عددُ أصْدقائِكَ أو أقارِبِك، مهْما كنْتَ مُحاطًا بِجمْهورٍ من مُدّعي الحُبِّ والمَحبَّة، فلا أحدٌ هنا مُهتمٌّ بِمشكِلاتِكَ، ولاْ يشْعرُ بِما يربط في داخِلِك. الكلُّ مُنْهمِكٌ بشؤونِهِ الخاصّة، ويصمُّ أُذنيهِ عنْ صوتْتِكَ إذْ كنْتَ تُكلّمُهُ وجْهًا لِوجْه. الغُرْبةُ هُنا أنْ تصْرخَ طلبًا للنّجْدةِ في لحْظةِ ضَعْفٍ، وتْلمَ أنَّ ما منْ أحدٍ سَيُنْجِدُكَ سِوى نفْسِك، تسْعى دوْمًا لِرسْمِ ابْتسامتِكَ فوْقَ شفتَيْنِ مُنهكَتَيْنِ مِنَ الأنين، وترقُصُ فوْقَ جِراحٍ لا يعْلمُ بها سِواك، وتدَّعي الحياةَ كي تبْقى على قيدِ الحياة.