اعلانوا مولده فوق الجبل

اسم المؤلف : جيمس بالدوين

لا تمثل كنيسة "معبد المحمدين بالنار" في الرواية مكان للعاملين، لكنّها المرساة التي تثبّت عقولها منها عن الانجراف والجنون الذي يدفعهم الى الدُّنيا دفعًا. إنها تعرّفهم بجنّة تخلّت عنهم من حياة الفقر والضّنك، خاصّة وأن الأحداث تدور خلال فترة الكساد العظيم في حيّ هارلم، حيث يعيش السّود في نيويورك. تحويل بالدوين تلك الكنيسة إلى واجهة عَرْض شبه تلك التي في الدكاكين، عرض من كشف فاترينات شخصياته، كاشفًا بداخلها وموجهًا عينه إلى تفاصيل التفاصيل بشكل لا يصد الدقيق. تجري الأحداث خلال يوم ميلاد چون، يوم سبت من عام 1935، عندما يصحو المراهقون فيجد صدره وقد ثقُل بعد ممّّا اقترف من خطايا، ضميره يؤدّّبه، فيشرع في التساؤل عن هويّته الدينيّة والجنسيّة ووصلّة والعِرقيّة، وعن حقيقة مشاعره، ومن هو في هذه الحياة ، وفي الحياة الأخرى. ينتقل إلى الزّمن ماضيًا وحاضرًا ليشكل صورةً عن چون نفسه من خلال ذاكرة عمّته، ووالدته، ووالده. اتصل بكل واحد منهم في الكنيسة للصّلاة، فينفتح السّرد من القلب تمامًا، تتدفّق الآثام أمام الرّب وتسكب الاعترافات والكوك ويختلّ ميزان الزّمن. كل ذلك بلغة دينيّة تتراوح باختلاف شخصيّات: تثقُل وتغدو توراتيّة (العهد القديم) على لسان الأب، وتخفّ وتجدّد فتُمسي إنجيليّة (العهد الجديد) على لسان بلسان. لكل إنسان شخصية، ويسعى بالدوين إلى الوصول للشّيّخص الكامن خلف الشّخصية، تلك المادة البشريّة الخام، إذ يؤمن بأنه إذا أراد شخص معرفةٍ ما، وما الذي يجاوز إجراءات فعل تجاه بيئته ومجرياتها، فلابدّ من معرفة الأحداث الجديدة التي شكّلت حياته. في هذا الكتاب طبرق بالدوين ذلك إلى درجة أنه قال، مُشيرًا إلى نتاجه الأدبيّ الغزير: «لو كان لي أن أكتب كتابًا في حياتي، لما كتبت سواه.»