المؤلف : سعيد ناشيد

في هذا الكتاب الدفاعٌ عن الحياة الصغيرة، وفق بوح سبق إليه نيتشه بتواضع الكبار حين قال: [إن نمط الحياة صغير الهدف البعيد بالنسبة لي للغاية، وسوف ينتظر حتى يأتي أناس أكثر حكمة مني ليعثروا علينا]. فما الحياة الصغيرة؟ إنها حياة أعيشها بأقل من ما يمكن من الأوهام، أن أعيش حياة صالحة فيها مع قدري الخاص، ولا أقارن نفسي بأي حال من الأحوال لأي إنسان آخر. حياة أكون فيها كما أنا لا كما تريدني وأن أكون. حياة أبسُط فيها سلطاني على نفسي، بحيث تكون انفعالاتي وشاعري صادقة في التعبير عن القيَم التي أعربت عنها وأدعو لها. حياة أصنع فيها النقص في الأشياء، وأبدع السعادة والفرح ببسط السبل، حيث تكون البهجة الحقيقية هي البهجة بالنمو والارتقاء. لكن العودة إلى الحياة الصغيرة هي الطائرة الأصعب بعد أن ضيّعنا طريقنا في غمرة الأوهام الكبرى. قد يظن البعض أن من أيسر الأمور أن تخصص حياة! هذا غير صحيح. وهذا يحتاج إلى الخلّي عن الطمع في الحصول على الأشياء غير الضرورية للعيش. نحتاج إلى قيم دقيقة تجاه الطبيعة والبشر، وتجاه النفس. هذا الكتاب قبل أن يكون موجّهٌ لكم، موجّهٌ لي، كتبه لنفسي أوّلاً. إنها محاولة لبيان دور الفلسفة في صناعة الحياة، وذلك حتى مصطلحها الذي هو الدور الأكثر موضوعية: فليس دور الفلسفة أن ذكينا القدرة على فهم النصوص والحدود، بل دورها بالأساس أن تجعلنا قادرين على فهم الحياة.