تكاد لا تخلت عن لغة في العالم من اكثر من ترجمة لرائعة فيكتور هيجو "البؤساء"، ويصعب إحصاء عدد المرات التي حولت فيها إلى السينما أو التلفزيون، وبأي اللغات، ولا عدد المرات التي مُثّلت على المسرح. وفي كل ما جمعت منها كمية كبيرة من الناس الذين سبق لهم أن روها أو قرأتوها مرّت. منذ عام 1863 حتى اليوم، ما زالت "البؤساء" تُقرأ بوتيرة مقدّرة، ولو جرب القارئ إعادة قراءتها مرة ثانية، أو حتى ثالثة لأدرك كم الذي فاته، لأن البؤساء ليست مجرّد حبكة روائية متقنة وجذّابة الاثنين. إنها رواية العَظَمة الإنسانية في مواجهة أقسى الظروف، رواية المشاعر الدافقة من الحب والجمال. بقدر ما نغوص في النفس الإنسانية بكل ما فيها من ضِعة وترفّع، وما فيها من ظلم وعدل، وما فيها من قوّة وضعف.. وتحوّلنا هذه الرواية إلى باريس كما لم تتعرف عليها، وأصبحت مرحلة من التاريخ، التي تلت الثورة الفرنسية الشرقية عام 1789، وارتداداتها الأكثر تاثيراً في صورة العالم الحديث. هذه الثورة التي رغم الانكسارات والآلام والتضحيات تمسكت بشعارات الأخوة والمساواة والحريات. وتمكنا من الحصول على نماذج من الشخصيات الشخصية وهي نماذج بشرية لا يمكن نسيانها. ومع ذلك ينسى قارئ "البؤساء" ما عانته فانتين لتُسعد ابنتها، ولا ما عاناه جان فالجان ليت سيطرة من محكوم بالأشغالة، إلى رجل يتولى قلبه بالخير والحب، ولا ما عاناه كل من ماريوس وكوزيت ليت دور حبهما إلى نموذج رائع ملهم.. جافير، تيناردييه، غافروش ، إيبونين، أصدقاء الألفباء، أسماء ونماذج بكل ما فيها من كرامة أو حقد أو شموخ أو ضعف، ستبقى في ذهن قارئ هذه الرواية.