عطر قصة قاتل
:إنتهى من المخزن
: 9789933351939
يشارك:
عطر قصة قاتل
اسم المؤلف : باتريك زوسكند
في القرن الثامن عشر عاش في فرنسا رجل أصبح أكثر كائنات تلك الحقبة نبوغاً وشناعة. وهي حقبة لم تكن لتفتقر إلى أمثال هذه الكائنات. وقصة هذا الرجل هي ما سنرويه هنا. كان اسمه جان – باتيست غرنوي جان – بابتيست غرينويل. إذا كان اسمه اليوم قد طواه النسيان، على أسماء نقية نوابغ أوغاد الضيافة، مثل دوساد، سان جوست، فوشيه أو بونابرت وغيرهم، فذلك أمر مؤكد ليس نتيجة أن غرنوي، بتأكيد مع هؤلاء الرجال المربين الأكثر شهرة، ما يهمهم تعالوا واحتقاراً للبشر ولا رائعين، باختصار ، كفراً؛ سوف لأن عبقرته وطموحه قد انحصرا في ميدان لا يخلف وراءه إنجازاً في التاريخ، أي في ملكوت الروائح الزائلة. في العصر الذي صالحه هيمنت على المدن رائحة نتنة لا يمكن لإنسان من عصرنا الحديث أن يتصور مدى كراهيتها. فالشوارع كانت تنضح برائحة الغائط، وباحات المنازل برائحة الغلاف، وأدراج البنايات برائحة الخشب المتفسخ وورث الجرذان، والمطابخ برائحة الملفوف المتعفن وحم الخراف؛ أما غرف النوم غير المهوّاة فقد كانت تنضح برائحة الرطب، فتحة النوم برائحة الشراشف المدهنة واللحف الرطبة المحشوة بالريش، وبالنفاذة المنبعثة من المباول. من المدافئ كانت تفوح رائحة الكبريت، ومن المدابغ قلويات الغسيل الواخزة، ومن المسالخ رائحة الدماء المتسخة. أما البشر فقد كانوا ينضحون برائحة العرق وغير المغسولة؛ من أفواههم لم تكن تبعث رائحة المتعفنة، ومن بطونهم الجسم؛ وكان العمر قد وصل إلى مكان قريب، فقد كانت هياكلها ذات رائحة جبن عتيقة وحليب وأعراض مرضية.