هل عالمنا يهم

اسم المؤلف : الآن واتس

ألعب في هذا الكتاب دور الفيلسوف، كما يُفترض بي أن أكون، فأحاول أن أجتهد أن أرتدي أديّة المفكر الذي لا يزال مستمرًا بفطرته. لا أزال أنظر إلى العالم بعين الدهشة، متأملا تلك الأشياء التي يُسلّم للناس الحساسون تسليما قاطعا، فيما أراها أنا ضحية بغموض لا يُصدق. إنني أعجز عن التميز من هذا الشعور العميق بأن الأشياء الحياتية اليومية التي تبدو لنــا ماماة، هي في حقيقتها ظواهر مذهلة تفوق التصور !

لقد عبر سقراط عن هذا الشعور الشعور : "إن الدهشة هي بداية الفلسفة". وأنا بدوري، أعيش في حالة من الذهول أمام حقيقة موجودة على الأرض من الصخر، تتأرجح في الفضاء وتدور حول كرة أخرى من النار ! كيف لي ألا أدهش من وجود هذه المتاهة في الداخل ؟ كيف لا تتعجب من كوني كائنا حيا أعيش ضمن مجموعة غريبة، مضمونة هذا الكــم مـــن الكائن الحي الذي تنطلق من التهام بعضها بعضا ؟ إن هذا الترتيب المؤلم يُربك وجداني وضميري، وأنا شخصيا لا أود أن يلتهمني أحد ! لكن، إذا أكلتني الجراثيم والديدان بعد موتي، ما لم توافقها متعهداً بدفن الموتى، فهل سيعوض ذلك عادلا عن كل الكائنات التي التهمتها خلال حياتي من أبقار وخراف وطيور وأسماك ؟ إني أتساءل في عجب: هل هذا النظام البيولوجي القائم على الالتهام والقتل هو نظام غريب غير عقلاني، يقودنا بسرعة نحو طريق مسدود؟ أم أن هناك حكمة خفية وراء هذا الترتيب العجيب الذي يحيط بنا ؟!