التفكير العلمي
:متاح
: 9789778563856
يشارك:
التفكير العلمي
اسم المؤلف : فؤاد زكريا
«العِلمُ مَعرفةٌ تَراكُمِيَّة. ولَفُ «التَّراكُمِية» هاذا يَصِفُ الطَّرِيقة التي يَتطوَّرُ بِها العِلْم، والتي يَعلُو بِها صَرْحُه؛ فالمَعرِفةُ العِلْميةُ أَشْبهُ بالبِناءِ الذي يُشيّدُ طابَق فَوقَ طَابَق، معَ فارقٍ أَساسِيٍّ هُو أنَّ سُكَّانَ هَذا البِناءِ يَنتقِلُونَ دَوْمًا إلَى الطابَقِ الأَعْلى؛ أيْ أنَّهُم كُلَّما شَيِّدوا طَابَقًا جَدِيدًا انْتَقلُوا إلَيْه وتَركُوا الطَّوابِقَ السُّفْلى لتَكون مُجرَّدَ أَساسٍ يَكِرتزُ عَلَيه البِناء.»
بَينما يقفُ العالَمُ العَربيُّ على أَعتابِ التَّفكِيرِ العِلمِيِّ مُتسائِلًا حَولَ جَدْوى تطبيقِه، يَشهَدُ الغاربُ تَقدُّمًا حَضارِيَّة هائِلًا هُو نِتاجُ اعتِمادِهِ عَلى التَّفكير المُنظَّمِ والمَنهَجي منذُ أكثرَ من أرباعِ قُرُون؛ لِذا فإنَّنا لَن نَستَطيعَ أنْ نَضمَنَ بقاءَنا المُستقبَليَّ ما لمْ نَتَبَنَّ هاذا التَّفكِير. من هاذا المُنطَلَقِ يَدعُو «فؤاد زكريا» إلى ضَرُورةِ أَن احتلَّ التَّفكيرُ العِلميُّ مَكانةً كَبيرةً لَيسَ فقَطْ بَين المُشتَغِلين في التخَصُّصاتِ العِلمِيَّة، بَلْ بَين عامَّةِ النَّاسِ في مِ ساحةِ الحَياةِ اليّومِيَّة كَذلِك. والحَقيقَةُ أنَّ مَوقِفَنا مِنَ التَّفكيرِ العِلميِّ يَحمِلُ تَناقُضًا صَرِيحًا؛ فبَينما نُعَظِّمُ أَعمالَ عُلماءِ الإِسلامِ الأَوائِل، نَرفُضُ العِلمَ وأحرازَهُ مِن تَقدُّمٍ في عَصرِنا. لا يَنفِي أرِتباطُ العِلمِ بِالغَربِ تارِيخٌ تعرُّضَهُ للمَخاطِرِ والتَّهدِيدات؛ إِذُتُوظِّفُ المُؤسَّساتُ الاقتِصادِيَّةُ المُعَاصِرةُ العِلمَ في مناحٍ استِغلالِيَّةٍ تُؤثِّرُ بالسَّلَبِ على الحَياةِ الإِنْسانية، كَما تُنتجُ الكِياناتُ السِّياسِيَّةُ دَعاوَى قَوْميَّةً وأَيْديُولُوجِيَّةً تُقوِّضُ حَركةَ العِلمِ وحَيَوِيتَه. ولَكِنْ يَبْقى الأَملُ في المُؤسَّساتِ الدَّولِيَّةِ التي تَهتَمُّ بالعِلْم، والمَعقُودِ عَلَيها تَوحِيدُ الجهْدِ البَشرِيِّ للارْتِقاءِ بالعِلمَِحْقيقِ التقارُبِ بَين الأُمَم.