رواية "البعثة" لا تحفل بما بما في ذلك الكثير من الروائيين الّذين يحاولون أن يصعنووا جمالاً من ألفاظهم ومعانيهم، ولا شكّ عندي، كذلك، في أنّ هذه الرواية هي بيان مباشر لا ينزع إلى المجاز في شيء. لقد كان قلم تولستوي مباشراً وصادماً بشكل خطير جداً، فلم أجد، في هذه الصفحات الخمسمئة، أي صورة بيانيّة قصدت لذاتها، ولم أجد من البلاغات عند تولستوي من تشبيهات وإستعارات وكنايات وتحسينات بديعيّة إلا عندما تصبح حقيقية غائمة عائمة، فيعمل على توضيحها بنوع من الجمال. إذن، فترتدّ الفكرة مجلية صراحة، ولكنها يقصد إظهارها انطلاقاً من البلاغيّة، فهذا شيء لم يكتشفه في "البعثة". تم تعديل "البعثة" بحق تولستوي، وهو بعينه، وتبلّغه حادثة بأذنه، ويقرأه في وجه المجتمع سقفه وقاعه. وعندما أدار حديثه حول حبكة لرواية مركزية أكبر الأمير نيكلندوف والخادمة ماسلوفا، كان يشير إلى نوع من العلاقات المتبادلة بشكل عام، أي كيان ريك نيكلندوف بإنزال العار بالخادمة بإساءة تمثيلها عنوة ليس هو طوال العهد القديم، ويعتبر فعل الأمير يمثل الفوق ونحت؛ الذي يأمر والّذي ينفذ؛ الذي يخطئ متى شاء ويطلب العفو متى شاء، وليس يدرك الحق أن يطلب منه ذلك أو لأن العدالة تستوجب ذلك... لقد كان تولستوي بارعاً في إقتباس مشهد مريع واحد من مشاهد هذه الدنيا بما فيها من علاقات آثمة بين السيّد والعبد، والغنيّ والفقير