فندق مهرجان - فندق فستيفال

كان يا ما كان، ليس في قديم الزمن، مدينة واجعة تغفو على كتف شاطئ، وتسَعُ أحلام سكّانها. في ناري الكوسموبوليتيّة، يعيش المسيحيون والمسلمون واليهودي بسلام، يشربون من النبع عينه، ويمت أمّلون المغيب لسبب مختلف، شهد الراوي عصر المدينة الذهبيّ الذي جسده فندق مهرجان - قبلة ناري ولؤلؤتها - بإدارة اليهودي حاييم ليفينور وفاتنة نيسا. الزمن المخمليّ، قصص النزلاء و«حواديت» الموظّفين، غموض العوالم الممنوعة خلف أسوار اللغة العبرية، بريق لياليها... لكنّ الأمور لا تثبت بمظاهرها، في مدنملعونة باسماء والصفات والأصل والفصل. كان على ذلك البركان أن يفجر ذات يوم. سيما البحر الذي كان يداعب الستائر في مهرجان المذهبة سريعًا ما استحال عاصفةً فنعت اليهوديّ ومن بعده الأرمنيّ والمسيحيّ، كما لوطت كل شيء عاشق تجرَّأ وتبِع قلبه إلى داخل أسوار الفندق. شهد الراوي كل ذلك، وبقيت أحلامه معلّقة بحبّة لؤلؤ صغير هي كل ما بقي له من جنته سكل. تلك التي لا تبث أن تعود إليها وتعيده إليها جميعا. تلك التي سيلحق كل خيط تقوده إليها. تلك التي ربّما كانت كاذبة من خيالٍ وهوى... في الماضي غير البعيد، كانت هناك مدينة أسطورية تستقر على الشاطئ، تحتضن تطلعات سكانها. كانت مدينة ناري العالمية مكانًا يتعايش فيه المسيحيون والمسلمون واليهود بسلام، ويتقاسمون نفس الموارد ويتأملون نفس غروب الشمس المذهل.

عندما كان راوينا شابًا، شهد العصر الذهبي للمدينة، والذي تجسد في فندق ماهاراجان، جوهرة تاج ناري. كان هذا المكان تحت الإدارة الماهرة لزوجين يهوديين، حاييم ليفي هانور وزوجته الساحرة نيسا. كان وقتًا من الروعة، مليئًا بالحكايات الرائعة عن الضيوف والموظفين والعوالم الخفية داخل الطبقة النخبوية وليالي الفندق الساحرة.

ولكن الحياة في المدن ذات التاريخ المعقد نادراً ما تكون مثالية كما تبدو. ففي نهاية المطاف ثار البركان الخامد الكامن تحت السطح. وتحول نسيم البحر اللطيف الذي كان يزين ستائر المهرجان الذهبية إلى عاصفة، فاقتلع اليهود، ثم الأرمن والمسيحيين، وقطع أحلام العشاق الذين غامروا بالدخول إلى جدران الفندق.

لقد شهد الراوي هذا التحول، حيث كانت أحلامه مرتبطة بلؤلؤة صغيرة ـ البقايا الوحيدة من جنته المفقودة. كانت هذه اللؤلؤة تمسك به في قبضتها، وترشده إلى العودة كلما ضل طريقه، وتقدم له العزاء لخياله وشوقه الذي لم يتحقق.