الليالي الغجرية - الليالي الغجرية

رفعت السيّدة ليومنا وأومأت لنا جميعاً، كي نصعد درجات الطلاق بيننا. وكلنا حسبنا حولها. وظلّ شعرها حبالًا رماديّة اللون، تموّج حول وجهها، تكاد تخفي تفاصيله، مستثنية العيون، رفيعة النظرات كعيني صقر. انتظرونا بوجل وقد جلّلنا الصمت. وملء الآلاف من رهبةً منظرها، وأنوار القمر تنهمر، فتزيدنا صمتًا وخشوعًا. ولم تعد روزينا تلك "الغريبة الأطوار"، المقيمة في عزلة كوخها، تسامر القطط والعصافير. لم تظهر المعتزلة بمقاطعة الجنس البشريّ بعد بعد نطاق النسبة... فقد بدت، في تحديد ذلك. سيّدية حاكمة، رهيبة، شاملة معرفة، قابضةً على مفاتيح الاستخدام. وتت شفتاها تقصّان علينا حكاية الليالي الغجريّة... رفعت السيّدة يديها وأشارت لنا جميعاً أن نصعد الدرجات بيننا. ثم دعتنا للجلوس حولها. ظل شعرها في خصلات رمادية، متموجة حول وجهها، تكاد تخفي تفاصيله، باستثناء عينيها الحادتين الثاقبتين كعيون الصقر. انتظرنا في رهبة، وزيننا الصمت. ملأنا أنفسنا بإحساس لقد كان حضورها يبعث على الاحترام، حيث كان ضوء القمر يتساقط، فيزيد من صمتنا ووقارنا. لم تعد روزينا تلك "الغريبة الغريبة" التي تعيش في عزلة كوخها، وتتحدث مع القطط والطيور. لم تعد تعزل نفسها عن العالم الخارجي. كانت تتواصل مع البشر إلى أقصى حد. وفي تلك اللحظات، كانت تبدو وكأنها سيدة حكيمة هائلة، مليئة بالمعرفة، تحمل مفاتيح الأسرار. كانت شفتاها تتحركان، وتروي لنا حكايات ليالي الغجر...