عزلة الحلزون - عزل الحلزون
:متاح
: 9786144694381
يشارك:
أبلغتني رهام بعد وصولها إلى البلدة، باتالٍ هاتفيّ مشوّش، حيث عثرت على بقايا شاهد الرخام الذي يحمل اسم أبيها، لكنّها لم تجد مكان القبر بعد، وبأنّها لن تعود إليه بعد، وتعيده كما كان، وبعد ذلك قالت: «لن أعود قبل أن» أكتب السطور الأولى من سيرة أبي المحذوفة من وثائق السجلّات الرسميةّة «كسبرة». كنت أقدر السكّر في الكأس الثانية من الشاي الثقيل، أعددته بنفسي، لمقاومة صداع كان يلازمني منذ الصباح، حين سمعتُ وقع كعب نسائي على الدرج. توكّفتُ عن أي ملعقة، للتأكّد من شخص ما. أحسستُ باضطرابٍ مفاجئ في أضل، مع اشتراكه في التوقف، فقد كان في الوقت نفسه الذي أتت فيه رهام سمعان إلى دار النشر أو مرّة، قبل سنة وثلاثة أشهر وتسعة عشر يوما، تفسر عن معجمرنسيّة، وعن عناوين كتب محظورة. وبعد يومين من وصولها إلى المدينة، أبلغتني ريهام عبر مكالمة هاتفية مشوهة أنها عثرت على بقايا حجر الرخام الذي كان يحمل اسم والدها، لكنها لم تعثر بعد على موقع الدفن الفعلي. وأصرت على أنها لن تعود قبل أن يتم تحديد مكان الدفن. عثرت عليه فأعادته إلى حالته الأصلية، ثم قالت بإصرار: "لن أعود قبل أن أكتب السطور الأولى من سيرة والدي التي حُذفت من السجلات الرسمية".
كنت قد أعددت لنفسي فنجاناً ثانياً من الشاي القوي لأخفف من الصداع الذي يلاحقني منذ الصباح. كنت أضع فيه ملعقة صغيرة من السكر حين سمعت صوت خطوات امرأة على السلم. توقفت، وأوقفت حركة الملعقة، لأتأكد من اتجاه الصوت. أحسست فجأة بقلق شديد في ضلوعي حين اقتربت الخطوات. كان نفس التوقيت الذي جاءت فيه ريهام سمعان إلى دار النشر لأول مرة، منذ عام وثلاثة أشهر وتسعة عشر يوماً، لتسأل عن قاموس فرنسي وبعض الكتب المحظورة.