صعاليك هيرابوليس - أبناء هيرابوليس
:متاح
: 9786144692820
يشارك:
أعرف يا ماريا أنّ في داخلك طفلة، وأنّ الأطفال يخافون الرصاص، ويحبّون صدور الأمهات، لكنّي لا أملك سوى بضعة أمتارَين عزلاوَين في مواجهة كل هذا الأسى. من يوم جاؤوا، حطّموا أحدث وأخرسوا الموسيقى وكنسوا ضحكاتنا عن الشوارع. دخلتوا حاضرنا لكنّني أنقذت بعض حكاياتي. خبّأتها لك. كنت أعرف أنك ستأتين. كنت أعرف أنك سترحلين. وأنّني أنا سأرحل، لذا أودعتك إيّاها: ولع أبي بسميرة توفيق وغيرة أمّي منها. وليد أبو جحاش الذي سرق منّي بلبلاً أنا طفلٌ سرق جناحي الذي أراد. جمعة الحميماتي وجريتاته الفاتست. عروة الذي تأخّر دائمًا على أحلامه... مدينتي حكاية في عهدتك الآن. وقلبي أودعته في عينيك وأنت راحلة، بانتظار صفّارةٍ تعلن نهاية هذا العبث. أعلم يا ماريا أن بداخلك فتاة صغيرة، والأطفال يخافون الرصاص ويحبون صدور أمهاتهم. لكن كل ما عليّ أن أقدمه لك هو مواجهة كل هذا. الحزن ذراعان معزولتان. أعلم أيضًا أنك تحب الزهور، لكن حديقتي لم تعد تنبت شيئًا سوى الأشواك. منذ اليوم الذي أتوا فيه، حطموا الأشجار، وأسكتوا الموسيقى، واكتسحوا ضحكاتنا من الشوارع. استولوا على قلوبنا. أنا حاضر، ولكنني احتفظت ببعض قصصي. لقد أخفيتها لك. كنت أعلم أنك ستأتي. كنت أعلم أنك سترحل. وأنا أيضًا سأرحل، لذا فأنا أعهد بها إليك: قصة شغف والدي بـ سميرة توفيق وغيرة أمي منها، قصة وليد أبو جحش الذي سرق البلبل مني وأنا طفلة ثم سلب مني أجنحتي عندما كبرت. قصة جمعة الحميماتي وفتياته الغجريات الساحرات، قصة عورة الذي تأخر عن أحلامه دائماً... مدينتي حكاية عهدت إليك الآن، تركت قلبي في عينيك وأنت ترحل، منتظراً لصافرة تعلن نهاية هذا العبث.