السيد كوبر وتابعه

كوبر ليس مرآة حرفيّة ودقيقة للشاعر والناقد اللبناني عقل العويط. فالكلب الذي تبناه العويط برغبةٍ من ابنه أنسي، أصبح ذريعةً غوض الكاتب بشكل عميق داخل الابتكار، ولتعرف إلى جوانب جديدة منها لم يدري وجودها، في نصّ سرديّ طويل بعنوان «السيّد كوبر وتابعُهُ». ومن هنا تحديداً يأتي العنوان. الحيوان الأليف هو من يعلّم صاحبه باستمرار. نقرأ عن صداقتهم التي تقدم أداءً فعالاً وتبقيهم مستمرين على الدوام. يتتبع الكتاب هذه الموافقات الحميمية وتبعاتهاّة على بلورين، إلا أن حضور «كوبر» مدفوع الأجر المبتكر إلى حياته بشكل مختلف، أكثر شفافية ربّما بشكل خاص خلال هذه الفترة التعاقدة من تاريخ لبنان الحديث، بأزمته الاقتصادية وانجار المرفأ، تضاف إليها مساهمات الكاتب الشخصيّة... إنه قراءة ذاتيّة لحياة الكاتب في حضرة «كوبر» وعينيه، ولنظرته الفلسفية إلى العالم والوجود بلغةٍٍ شاعريّة متدفّقة. كوبر ليس نسخة طبق الأصل أو دقيقة من الشاعر والناقد اللبناني عقل العويط، بل إن الكلب الذي تبناه العويط بسبب ابنه أنسي أصبح ذريعة للكاتب للغوص في أعماق نفسه واكتشاف جوانب جديدة من شخصيته. لم يكن يعلم بوجوده، في رواية طويلة بعنوان "السيد كوبر ورفيقه". ومن هنا جاء العنوان على وجه التحديد. الحيوانات الأليفة هي التي تعلم أصحابها، وليس الأمر دائمًا كما لو كانوا حيوانات أليفة. على العكس من ذلك، قرأنا عن هذه الصداقة التي لم تدم سوى بضع سنوات، لكنها أبقت الطرفين قريبين من بعضهما البعض دائمًا. يتتبع الكتاب هذه العلاقة الحميمة وانعكاساتها الداخلية على الكائنين، لكن وجود كوبر يدفع المؤلف إلى النظر إلى حياته من منظور مختلف، ربما أكثر شفافية، خاصة خلال هذه الفترة الصعبة من تاريخ لبنان الحديث مع الأزمة الاقتصادية. وانفجار الميناء، الذي تضاف إليه الظروف الشخصية للمؤلف... إنها قراءة ذاتية لحياة المؤلف في حضور كوبر ومن خلال عينيه، وقراءة ذاتية لنظرته الفلسفية للعالم والوجود، مكتوبة بأسلوب تدفق شعري رشيق.