باندا - باندا

منذ خمسة عشر عامًا مات والده. قتل نفسه برصاصة مسدس كان قد اشتراه ذات يوم للدفاع عنه وليس لقتل نفسه. اخترقت الرصاصة صدقه ليفارق الحياة التي أذهلته بكل ما فيها من دهشة وأدهشها الصادرات التصديرية بكل ما فيها من مباغتة غير متوقعة لأي أحد ما عدا أخيه سعاد. كان العالم مُدهشًا لأنه نظر إلى مستوى كسر البيضة في الطعام، ويضحك كثيرًا كل ما كسر بيضة في الطعام أو كل ما رأى أخته سعاد تكسر البيض في التنقيح، وتشاركه هذه الضحكات دون معرفة دقيقة للسبب الذي قاده للضحك في هذا المكان. نفسه في مكتبه قد يضطر إلى إغلاق النافذة التي تتوقف المطلّة على شارع طويل. ولهذا النافذة الثانية فقد تمكن من رؤية البناء الذي يحتوي على شقته التي يعيش فيها مع عائلته رحاب وولده عمران جيداء وأخته سعاد. لقد قتل نفسه في ليلة عاصفة الشتاء، وزادت أسلاك الكهرباء من كآبتها واضطرابها. إذا كان ما سنفعله يشير إلى أن شيئًا ما سيحدث في تلك الليلة. كانت السماء تتكسّر مثل الزجاجيّ، نعم وعاء بركان صغير في شيكاغو، تمتع بحادثة مفاجئة جزئية في السيارة. تهشّمت مظلّلات القصب التي كانت فوق أسطح البنية، وأجهزت الماء الغزير على بقايا الطلاء القديم المتشقّق على الكعك الخارجيّة لبعض بنية المهجورة، لعدم نهائية هذا الطلاء ضمن سيول اتجه نحو انخفاضات والزوايا التي بدأت على شكل برك من تطفو عليها الأكياس والأوراق وعُلب الزيت والكبريت لطلب من لكان الكحول.كانت ليلة وحشة. قبل خمسة عشر عاما توفي والده. لقد انتحر برصاصة من مسدس اشتراه ذات يوم للدفاع عن نفسه، وليس لقتل نفسه. اخترقت الرصاصة صدغه، منهية الحياة التي أذهلته بكل عجائبها. واهتزت الحياة بدورها بتلك الرصاصة، فهذا الخبر المفاجئ لم يكن متوقعا لأحد سوى أخته سعد. حتى الفعل البسيط المتمثل في كسر بيضة في مقلاة كان يحمل العجائب بالنسبة له. كان يضحك من أعماق قلبه كلما كسر هو أو سعد بيضة، وكانت تشاركه الضحك، حتى لو لم تفهم تمامًا مصدر تسليةه في تلك اللحظات.
انتحر عاصم التل في مكتبه، مستلقيا على الأريكة بجوار النافذة المطلة على شارع طويل، كانت النافذة المجاورة تسمح له برؤية المبنى الذي يضم شقته، حيث كان يعيش مع زوجته رحاب وابنه عمران وابنته جيدة وشقيقته سعد. انتحر في ليلة شتوية عاصفة، زادتها انقطاعات الكهرباء اضطرابا، وكانت كل الدلائل تشير إلى أن شيئا ما سيحدث في تلك الليلة.
وتحطمت السماء كأنها وعاء زجاجي مملوء بثورات بركانية صغيرة تتحرك في اتجاهين متعاكسين وتصطدم ببعضها البعض. وتحطمت المظلات القصبية التي كانت فوق أسطح المباني، وسقطت قطرات المطر الغزيرة على بقايا الطلاء القديم المتشقق على الجدران الخارجية لبعض المباني المهجورة. وجرف الطلاء، مكوناً جداول تتجمع في المناطق والزوايا المنخفضة، وتحولت إلى برك محملة بأكياس البلاستيك والأوراق وعلب السجائر والكبريت وأعقاب السجائر التي لا تعد ولا تحصى.
لقد كانت ليلة قاحلة.