أزاهير الخراب - زهور الخراب

ونتيجة لذلك، فإن كونك على قناعة أحد مقاهي خارج مدرّج «شارليتي»، وحت أقلِِّّ عدد من الفرضيّات بالإضافة إلى فيليب دي باشيكو الذي لم أرَ وجهه للضوء. كنتُ أدون بعض المفكرة، ومن دون أندرك أُدرك تمامًا ماذا أفعل، شرعتُ في تأليف كتابي الأوّل. لم يكن الدافعي رسالة حياة اختَرْتها لنفسي ولا مواهب خاصةّة حُبيتُ بها، بل كان ببساطة ذلك اللغز المتمثّل بحياة رجل من المؤكّد أنّني لن أعثر عليه، وكلّ تلك الأسئلة الغامضة به والتي لن تجد على أجوبة لها. خلفية، يبث كوك بوكس ​​أغنية إيطالية، ورائحة النيران مشتعلة تسودُ. فيء شجرة جادّة «الأردن»، شابة جميلة تشقّ دربها. غرتها الشقراء، وجنتاها وثوبها الخضراء كانت النسمات المنعشة الوحيدة، ظهيرة ذلك اليوم من أييام أغسطس. ما الجدوى من الصباح خلف ألغاز مُستعصية واقتفاء أشكر الأشباح، حين تكون الحياة هنا أمامنا، ببساطتها، تحت الشمس الساطعة؟ كنت جالساً على شرفة أحد المقاهي المواجهة لملعب شارليتي. كنت أطرح كل أنواع الفرضيات حول فيليب دي باتشيكو، الذي لم أكن أعرف وجهه حتى. كنت أقوم بتدوين بعض الملاحظات عندما بدأت في كتابة كتابي الأول، دون أن أدرك تمامًا ما كنت أفعله. لم تكن مهنة معينة أو موهبة هي التي دفعتني إلى الكتابة، بل بكل بساطة اللغز الذي طرحه رجل لم تتح لي الفرصة للعثور عليه، وكل تلك الأسئلة التي لن تتم الإجابة عليها أبدًا.
كانت هناك خلف ظهري آلة موسيقية تعزف أغنية إيطالية. وكانت رائحة الإطارات المحترقة تملأ الهواء. وكانت فتاة تتقدم تحت أوراق الأشجار في شارع جوردان. وكانت غرتها الأشقر وخدودها المحمرتين وفستانها الأخضر هي اللمسة الوحيدة التي تدل على نضارتها في هذه الظهيرة المبكرة من شهر أغسطس. فما الفائدة من محاولة حل ألغاز لا يمكن حلها ومطاردة الأشباح، عندما تكون الحياة هنا أمامنا بكل بساطتها، تحت أشعة الشمس الساطعة؟